تقرحات القدم السكرية خطر حقيقي يمكن تجنبه بطرق بسيطة

تقرحات القدم السكرية خطر حقيقي يمكن تجنبه بطرق بسيطة



- ليس هناك قرار اصعب من قرار بتر اصبع أو قدم مريض يعاني من القدم السكرية، وليس هناك عملية تترك في نفسي اثر كبير مثل عملية البتر. ولكن هل بالامكان التقليل من نسبة البتر عند مرضى السكري؟ الاجابة هي نعم.
لا تقتصر القدم السكرية على التقرحات فقط بل هي كل تغير على القدمين ناتج عن مرض السكري أو احدى مضاعفاته.
ان اكثر من نصف مرضى السكري يعانون من القدم السكرية وتشكل 20% من الحالات التي تستوجب المعالجة داخل المستشفى عند مرضى السكري وتزيد من فرصة بتر احد الاطراف الى 15 ضعفا، بالاضافة لما يترتب عليها من انفاق مبالغ طائلة من اجل العلاج وتدني الدخل الشهري للمرضى بسبب التعطل عن العمل أو عدم القدرة على العمل والاصابة بعاهات دائمة.

يؤدي مرض السكري بالضرورة الى أذية مختلف اعصاب الجسم وخاصة اعصاب القدمين مما يؤدي الى فقدان الاحساس، ضمور عضلات القدمين، تشوهات القدمين، جفاف وتشقق الجلد، تكون المسامير اللحمية تحت مناطق الضغط، الخدران، الم القدمين، الشعور بعدم وجود القدمين (موت القدمين كما يصفها المرضى) وغيرها من الاعراض.
لا يقتصر تأثير السكري على الاعصاب بل يؤثر بشكل كبير على شرايين الجسم والقدمين، فاكثر من 75% من مرضى السكري يعانون من تصلب الشرايين على عمر اقل من نظرائهم ممن لا يعانون من سكري الدم. ان تصلب شرايين القدمين يؤدي الى نقص التروية الدموية مما يؤدي الى صعوبة شفاء التقرحات والتهابات القدمين. ومن اعراض نقص التروية جفاف الجلد، فقدان الشعر، الم بالساقين والقدمين اثناء السير أو الراحة، تلون الجلد باللون الاحمر القاتم أو الازرق في الاطراف المتدلية (اثناء الجلوس) وشحوب القدمين عند رفعهما عالياً.

نتيجة لفقدان الاحساس في القدمين فان معظم المرضى لا يدركون وقت وكيفية تعرضهم للاصابات مثل الجروح البسيطة، الوخز بالابر أو المسامير أو قطع الزجاج أو الادوات الحادة، حروق القدمين الناتجة عن الماء الساخن أو الصوبات، أو مجرد رضوض بسيطة من الاحذية أو اثناء السير.

ان معرفة الاعراض الاولية التي قد تتطور الى تقرحات والتهابات شديدة ضروري جداً لتفادي تطورها الى مراحل يصعب معها الحفاظ على القدمين. ان اهم الاعراض الاولية هو ظهور احمرار أو فقاعات مليئة بسائل وخاصة على رؤوس الاصابع أو حواف القدمين أو تكون المسامير اللحمية خاصة على اسفل القدم في المنطقة المحاذية للاصابع اي في المنطقة الاكثر تحملاً للضغط ووزن الجسم. إن هذه الاعراض تمثل بداية للتقرحات ويجب الاهتمام بها ومعالجتها بالشكل والوقت الصحيحين.
إن المظهر الخارجي للتقرحات والالتهابات لا يتناسب بالضرورة مع شدتها وعمقها وامتدادها فكثيراً ما يكون الالتهاب والصديد (القيح) ممتداً الى مناطق بعيدة عن منطقة الاصابة الاولية. وهنا لا بد من التذكير بان نقص المناعة عند مرضى السكري يساعد على انتشار الالتهابات الى مناطق اخرى ويقلل من فعالية المضادات الحيوية وخاصة بوجود قصور الكلى.

يوجد فئة من مرضى السكري معرضين للاصابة بتقرحات والتهابات القدمين اكثر من غيرهم، ومنهم:

المرض بتشوهات في القدمين أو اصابع القدمين
مرضى المسامير اللحمية أو الجلد الجاف
المرضى الذين اصيبوا بتقرحات القدمين سابقاً
مرضى ضعف وظائف الكلى أو القصور الكلوي (مرضى غسيل الكلى)
المرضى الذين يعانون من ضعف الابصار
كبار العمر وخاصة الذين يعيشون لوحدهم
المرضى بعلامات نقص التروية
المرضى بعلامات ضعف اعصاب القدمين.

العلاج

تنظيم نسبة السكري في الدم يشكل عاملا اساسياً لنجاح العلاج، فوجود الالتهاب يؤدي الى ارتفاع السكري كثيراً مما يؤثر سلباً على التهاب القدمين، وعليه فان اعادة السكري الى المعدلات المقبولة ضروري جداً.
المضادات الحيوية والتي تعمل على قتل الجراثيم الموجودة داخل انسجة القدمين وفي الدم. ليست جميع الحالات تحتاج الى مضادات حيوية وانما الحالات التي يصاحبها الانتان (الالتهاب) اي ان مجرد وجود تقرح في القدمين لا يعني ضرورة تناول المضادات الحيوية. وللتذكير فان استعمال المضادات الحيوية دون الحاجة اليها يتسبب بظهور جراثيم مقاومة لافضل واحدث المضادات الحيوية مما يجعل العلاج والسيطرة على الالتهابات امر بالغ الصعوبة.

ازالة الانسجة التالفة والميتة وتفريغ الصديد يعتبر جزءا رئيسيا من العلاج الموضعي فوجود هذه الانسجة والصديد يعيق وصول المضادات الحيوية وتشكل بؤرة مناسبة لتكاثر الجراثيم.

الغيارات اليومية لمرة واحدة أو اكثر حسب ما تقتضيه الحالة ضروري لازالة الافرازات المتجمعة في التقرحات وازالة الانسجة الميتة بالاضافة الى استعمال بعض المواد المعقمة أو الماء المعقم فقط وحسب الحالة. لا ينصح باستعمال المضادات الحيوية الموضعية على شكل مراهم أو كريمات أو بودرة اثناء الغيار لتفادي تطوّر جراثيم عنيدة ومقاومة للمضادات الحيوية.
البتر وان كان غير محبب للطبيب والمريض على حد سواء ولكنه في بعض الحالات يصبح ضروري جدا للمعالجة، وتفادي الموت في حالات الالتهابات الشديدة جداً وخاصة بجراثيم معينة تستطيع الانتشار سريعاً الى جميع انسجة الاطراف والى الدم. يمكن ان يقتصر البتر على احد الاصابع أو مجموعة من الاصابع، او الى بتر القدم أو بتر الساق تحت أو فوق الركبة. لا يعتبر البتر نهاية المطاف للمرضى، ولا يعني انهم لن يستطيعوا السير من جديد، فوجود الاطراف الاصطناعية وعلى اشكال مختلفة تناسب كل حالة على حدة يمثل حلاً لهؤلاء المرضى.

الوقاية خير من العلاج

على مرضى السكري ادراك مدى الخطورة التي قد تنشاء من اهمالهم لمرضهم والتعامل معه بشكل سلبي، فالتقيد بالعلاج ونظام الحمية الخاص لبقاء نسبة السكر في الدم ضمن الحدود المسموح بها يضمن تجنب الكثير من المضاعفات الخطيرة أو تأخير ظهورها لسنوات عدة. العناية بالقدمين عامل هام ولا يجب التهاون به لضمان تفادي التقرحات والبتر. وفيما يلي بعض النصائح الواجب اتباعها:
تنظيم معدل السكر في الدم من خلال الالتزام بالعلاجات الموصوفة والتقيد بالتعليمات الغذائية والمتابعة من قبل اخصائي السكري.
تفقد القدمين يومياُ للاكتشاف المبكر لأي تغير مع التركيز على المناطق السفلية من القدمين، وبين اصابع القدمين وتحت الاظافر، اما بمساعدة احد افراد الاسرة أو عن طريق استعمال مرآة عاكسة للمناطق التي يصعب رؤيتها.
غسل القدمين يومياً ويفضل وضع القدمين في وعاء يحتوي على ماء فاتر (يقدر مدى فتور الماء من قبل احد افراد الاسرة غير المصابين بالسكري) لمدة تتراوح بين 10-20 دقيقة ومن ثم تنشيف القدمين بفوطة قطنية مع التركيز على مناطق ما بين الاصابع، وترك القدمين معرضتين لبعض الوقت للهواء لتجفا بشكل تام.
دهن القدمين بكريم أو سائل ملين لتفادي جفاف الجلد وتكوّن التشققات ومسامير اللحم.
ارتداء جوارب قطنية وذلك للمحافظة على القدمين دافئتين وللتقليل من نسبة التعرض المباشر للاصابات. يمنع استعمال الجوارب التي تحتوي على النايلون كونها تعمل على تعرق القدمين وزيادة نسبة الرطوبة هذا بالاضافة للضغط الناشئ على القدمين.

تجنب المشي حافي القدمين
تجنب الاقتراب من مصادر الحرارة العالية مثل الماء الساخن (قربة الماء)، الصوبة أو التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة.
تجنب اذية القدمين مثل الجروح والرضوض مهما كانت بسيطة وذلك بالحذر الشديد اثناء العمل أو التنقل في اماكن العمل التي قد يتواجد بها عوامل تشكل خطورة على القدمين مثل العمل باماكن البناء، الكراجات وغيرها.
عدم ارتداء الحفايات خارج المنزل ويفضل ارتداء الجوارب القطنية دائماً.
عدم ارتداء الحذاء بدون جوارب قطنية.
عدم ارتداء الاحذية الجديدة لمدة تزيد عن ساعة واحدة في اليوم.
تغيير الحذاء مرة واحدة على الاقل في اليوم الواحد، أي يفضل توفر اكثر من حذاء لاستعمالها يومياً بالتناوب.
شراء الحذاء المناسب من حيث المقاس فالاحذية الضيقة كما هي الواسعة تشكل خطرا على القدمين ويفضل ان تكون الاحذية من الجلد الطبيعي.

التأكد من خلو الحذاء من اي مواد بداخله مثل الاتربة أو الحصى أو اي بقايا من الجوارب القطنية.
تقليم الاظافر بشكل مستقيم وتجنب قص الحواف والزوايا.
مراجعة الطبيب عند ظهور اي تغير غير طبيعي على القدمين مهما كان بسيطاً
تجنب استعمال المضادات الحيوية الموضعية أو عن طريق الفم الا باستشارة الطبيب.