اخطاء شائعة في التعامل مع ادوية خفض الكولسترول

ادوية خفض الكولسترول والدهون الثلاثية لا تقل اهمية عن ادوية الضغط لما لها من فعالية عالية وموثوقة بخفض تركيز الكولسترول الكلي والضار في الدم ورفع تركيز الكولسترول المفيد، اضافة الى تقليل فرص الاصابة بالجلطة القلبية والوفاة المفاجئة وتقليل عدد الوفيات عامة، والوفيات الناتجة عن امراض الاوعية الدموية والقلب.
ومن المعلوم ان الدراسة الاردنية جوهارت (1) التي أُجريت على خمسة آلاف شخص قبل بضعة سنين اظهرت ان نصف هؤلاء الاشخاص يعانون من ارتفاع الكولسترول (مستوى الدم يزيد عن 200ملغ/100 مل)، وان نصف الاشخاص ايضا يعانون من ارتفاع مستوى الدهون الثلاثية (مستوى الدم يزيد عن 150 ملغ/100مل). وبالتالي فان استخدام ادوية خفض الكولسترول والدهون الثلاثية شائع في المجتمعات عامة بما فيها الاردن.
الخوف من الاثار الجانبية
لا شك ان هذا الموضوع، أي الاثار الجانبية، هو الاكثر مناقشة من قبل الاشخاص الذين يتناولون ادوية الكولسترول والواقع ان الادوية لا تخلو من الاثار الجانبية. لكن الثابت علميا ان هذه الاثار لا تظهر الا في قلة قليلة ممن يستخدمون ادوية الكولسترول. فارتفاع انزيم الكبد يحدث في اقل من 2%، وارتفاع انزيم عضلات الجسم والآلام العضلية تحدث في اقل من 1% ممن يستخدمون الدواء. اما الغالبية العظمى، فلا يعانون من أي اثر جانبي، ويستفيدون من الدواء فائدة عظيمة.
ويتبين للاطباء ان الخوف غير المبرر من قبل المرضى، يدفعهم لايقاف الدواء واللجوء للاعشاب والثوم وغيرها، واذا لم تؤد هذه الاعشاب لآثار جانبية او اخطار على الصحة بشكل عام، فانها لن تكون بفعالية ادوية اثبتت عشرات الدراسات التي أُجريت على مئات الآلاف من الاشخاص سلامتها وامانها وفعاليتها الايجابية على الشرايين التاجية وغيرها.
استخدام الدواء لفترة قصيرة
يوصف الدواء المستخدم لخفض الكولسترول والدهون للاستعمال على مدى طويل يمتد الى سنوات، ذلك ان الاثر الايجابي لهذه الادوية يبدأ خلال ساعات او ايام من بدء استعماله، ثم يمتد الى سنين عديدة.
ان الاثر الذي تتركه هذه الادوية في الحد من زيادة درجة تضيق الشرايين التاجية ومنع تقدمها، وفي تقليل شدة تصلب الشرايين وخفض ترسبات الكولسترول والدهون تحت بطانة الشرايين احيانا، كلها اثار لا يلاحظها المريض لكنها تتناسب تناسبا عكسيا مع خفض تركيز الكولسترول الضار في الدم، فكلما نزل مستوى هذا الكولسترول كلما زادت الفائدة على مدى السنين.
يُسرع المريض غالبا لايقاف الدواء بعد ان يكون قد استخدم ذلك الدواء لمدة شهر واحد بناءا على اخذ مشورة من احد الاصدقاء او الاقارب. ان ادوية خفض الكولسترول ليست ادوية تستخدم لاسبوعين او اربعة كدواء التهاب الامعاء او ادوية تسكين ألم في الركبة ناتج عن اصابة رياضية.
المستوى المثالي للكولسترول في الدم
مع ان المختبرات تتبنى مستويات معينة للكولسترول في الدم، الا ان غالبية هذه المستويات ليس لها مرجعية طبية معتمدة.
ان التوصيات العالمية تشير الى ان مستوى الكولسترول الكلي يجب ان ينزل ما دون 200ملغ/100مل، والدهون الثلاثية تحت 150ملغ/100مل، والكولسترول المفيد يجب ان يكون مستواه فوق 50ملغ/100مل في النساء، وفوق 40 مبلغ/100 مل في الرجال.
اما الكولسترول الضار فيعتمد مستواه المثالي في الدم على الشخص الذي يُجرى له فحص الدم، فالشخص المصاب بالسكري او الجلطة او تصلب الشرايين او الذي أُجريت له سابقا عمليات شريانية على القلب او الاطراف او غيرها، يجب ان ينزل مستوى الكولسترول الضار لديه الى ما دون 100ملغ/100مل، ومؤخرا تم الاتفاق على النزول بالمستوى الى ما دون 70 اما الشخص الذي لديه عاملان او اكثر من عوامل خطر تصلب الشرايين (مثل تقدم العمر، السمنة، الضغط، التدخين، التاريخ العائلي) فيجب ان ينزل المستوى الى ما دون 130، ومن لديه عامل واحد فقط من العوامل السابقة (او لا يوجد له أي عامل) فيجب ان ينزل المستوى الى ما دون 160.
هذه الارقام هي المعتمدة دوليا على جميع المستويات بغض النظر عن المستوى الذي يرد في نتائج المختبر، وتعتبر هي المرجعية التي يتم بناء عليها وصف الدواء وتعديل جرعته او تغييره.
اعتبارات شعبية غير صحية
يُبدي بعض المرضى قلقهم من استخدام ادوية الكولسترول بعيارات عالية تصل الى 80 ملغ يوميا، علما بان بعض الادوية تستخدم بعيارات 10، 20، و40 ملغ يوميا، كما سبق وذكرنا، فان عيار حبة الدواء – بشكل عام – له علاقة بتركيز الكولسترول في الدم وبشدة المرض المصاحب كالسكري وتصلب الشرايين، وبالتالي فلا داعي للخوف من هذه العيارات العالية.
كما يتناول بعض الاشخاص هذه الادوية فقط عند تناول وجبة دسمة فقط! وهذا ايضا خطأ لا اساس علمي له فمثل هذه الادوية تستخدم يوميا ولا علاقة لها بنوعية الطعام.
كما يشير بعض المرضى انهم توقفوا عن استخدام دواء الكولسترول لانهم يتبعون نظام حمية ورياضة صارمين. وهذه امور نشجع الجميع على اتباعها، لكن فائدة الدواء تكون ابعد مما تحققه الحمية والرياضة، وكلها مكملة لبعضها.
واخيرا.. فانه من غير السليم الخوف من ادوية اثبت العلم فعاليتها وسلامة استخدامها منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما، بينما لا نزال نحن نناقش ايهما نتناول حبة الثوم صباحا ام حبة خفض الكولسترول؟!.